أكد الأستاذ "إسلام الغمري" نائب رئيس مركز حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية؛ أن الأمة الإسلامية تواجه سيل كبير من محاولات لتفكيك هويتها وتشويه عقيدتها، من بينها حملات تسعى لإعادة تفسير النصوص الشرعية بما يخدم أجندات معينة، فتظهر دعوات لإلغاء الحدود الشرعية، وتشريع ما حرّم الله، بدعوى الحرية الفردية والتقدم.
كتب الأستاذ "إسلام الغمري"، اليوم الخميس، في مقالة دورية، خاصة لوكالة إيلكا:
في عالمنا اليوم، باتت الفتن كالسيل الجارف، لا تترك بيتاً إلا دخلته، ولا فرداً إلا أثّرت فيه. أصبحنا نعيش زمنًا تتشابك فيه الأحداث وتتداخل الحقائق، حتى أصبح العقلاء والحكماء يقفون في حيرة أمام هذا الواقع المعقد، لم تعد الفتن مقصورة على ساحات السياسة فقط، بل امتدت إلى الدين، الإعلام، الاقتصاد، وحتى العلاقات الاجتماعية، حتى صدق قول النبي صلى الله عليه وسلم: {يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا} (رواه مسلم).
فتن التشكيك في الدين والقيم
في هذا العصر، تواجه الأمة محاولات محمومة لتفكيك هويتها وتشويه عقيدتها، لم تعد الهجمات تأتي من الخارج فحسب، بل تنبعث من الداخل عبر من يدّعون التجديد والحداثة. يتم الطعن في ثوابت الدين بذريعة التقدم، ويُتهم العلماء الربانيون بالتشدد، بينما يُرفع الجهلاء إلى مكانة المفكرين.
على سبيل المثال، نشهد اليوم برامج وحملات تسعى لإعادة تفسير النصوص الشرعية بما يخدم أجندات معينة، فتظهر دعوات لإلغاء الحدود الشرعية، وتشريع ما حرّم الله، بدعوى الحرية الفردية والتقدم. هذه الفتن لا تستهدف النصوص فحسب، بل تسعى لهدم الأسرة المسلمة وتفكيك القيم الأخلاقية.
فتن الإعلام والمعلومات المضللة
الإعلام، الذي كان يُفترض أن يكون مرآة للحقائق، أصبح أحد أبرز أدوات إشعال الفتن. في ظل عصر الإعلام الرقمي، تنتشر الشائعات والأخبار الكاذبة كالنار في الهشيم، تُدار حملات إعلامية لتشويه الحقائق وإحداث الفوضى في المجتمعات.
خذ مثالاً على ذلك الحملات الإعلامية التي رافقت الثورات العربية، حيث تم تضليل الشعوب بخطابات ووعود براقة، لكن النتائج كانت دماراً وتشريداً. الإعلام لم يكتفِ بذلك، بل أصبح أداة لتغذية الانقسامات الطائفية والقومية، كما رأينا في العراق وسوريا، حيث قُتل الأبرياء، وهُدمت المدن، بسبب تضليل ممنهج أدارته وسائل إعلام مرتبطة بأجندات دولية.
فتن السياسة والانقسامات
الفرقة التي تمزق صفوف الأمة اليوم هي أحد أخطر الفتن. الحكومات المتصارعة، والجماعات المتطاحنة، والصراعات الإقليمية التي لا تنتهي، جعلت الشعوب تُدفع ثمنًا باهظًا للسياسات الفاشلة.
على سبيل المثال، القضية الفلسطينية، التي كانت رمزًا لوحدة الأمة، أصبحت اليوم ضحية انقسامات داخلية وإقليمية. ما بين السلطة الفلسطينية وحماس، وما بين تطبيع البعض وخيانة البعض الآخر، أصبحت فلسطين جرحاً مفتوحاً يتآكل يوماً بعد يوم.
فتن الاقتصاد والاجتماع
الأزمات الاقتصادية التي تضرب العالم العربي تزيد من تعقيد المشهد. البطالة والفقر وانعدام العدالة الاجتماعية أصبحت وقودًا للاحتجاجات والاضطرابات.
لنأخذ لبنان مثالاً، حيث يعيش الشعب في انهيار اقتصادي غير مسبوق، وسط فساد النخبة السياسية، وعجز عن توفير أبسط احتياجات الحياة اليومية. هذا الواقع يولد حالة من الإحباط واليأس تجعل الأفراد عرضة للتلاعب واستغلالهم في مشاريع مشبوهة.
كيف ننجو من الفتن؟
النجاة من الفتن تتطلب وعياً وبصيرة، والتمسك بالثوابت الدينية والقيم الأخلاقية. هناك خطوات واضحة يمكن أن تساعد الفرد والمجتمع على الثبات:
1. الرجوع إلى القرآن والسنة: في زمن تضطرب فيه الموازين، لا بد من العودة إلى كلام الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم كمرجعية أساسية.
2. العلم والوعي: طلب العلم من مصادره الصحيحة أمر حتمي لتجنب الوقوع في الفتن، فالعالم الحقيقي هو من يقود الناس إلى الحق بعيداً عن المصالح والأهواء.
3. الدعاء والثبات: كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالدعاء قائلاً: "تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن".
4. التفكير النقدي والتثبت: لا يمكن الوثوق بكل ما يُعرض علينا، سواء في الإعلام أو مواقع التواصل. علينا التحقق من المعلومات قبل تصديقها أو نشرها.
خاتمة
الفتن ليست إلا اختبارًا إلهيًا ليميز الله بين الصادقين والمنافقين. قال تعالى: {أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يُفتنون؟”} (العنكبوت: 2).
لكن رغم كثرة الفتن، يبقى الأمل في الله وفي وعي الأمة. فالوعي الجمعي، والتمسك بالثوابت، والعمل على إصلاح الذات والمجتمع، هي السبل للنجاة. نسأل الله أن يثبتنا على الحق، وينجينا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
"اللهم اجعلنا من الهداة المهتدين، ونجنا من مضلات الفتن، ووفق أمتنا إلى ما فيه خيرها وصلاحها".
إسلام الغمري
نائب رئيس مركز حريات للدراسات السياسية والإستراتيجية. (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
التقى رئيس حزب الهدى "زكريا يابيجي أوغلو" يلتقي بالمواطنين خلال زيارته إلى ماردين.
أعلنت دائرة الاتصالات في الرئاسة التركية أن الرئيس رجب طيب أردوغان سيستقبل اليوم رئيس وزراء سلوفاكيا "روبرت فيتسو"، والوفد المرافق له.
أكد وزير الخارجية الروسي "لافروف" في تصريح له أن إدارة "بايدن" تسببت بتدهور العلاقات الثنانية بين البلدين.